فنانات نادمات على العمر الضائع

أن تعلن فنانة اتخذت قرار الاعتزال وارتداء الحجاب عن ندمها على عمرها الذي ضاع في الفن، ومن ثم تتمنى أن يعود بها الزمن للخلف لتختار مهنة أخرى غير التمثيل إذا كانت ممثلة أو غير الغناء إذا كانت مطربة، فهذا أمر معتاد. وهذا الندم ليس قاصراً على الفنانات فهناك فنانون رجال كثيرون اتخذوا قرار الاعتزال لأسباب دينية ابتداء بالفنان الكبير الراحل حسين صدقي الذي يعد أول الفنانين الذين اتخذوا قرار الاعتزال لأسباب دينية في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي وظل بالفعل بعيدا عن الأضواء بشكل كامل حتى عاد للظهور بعد ترشحه لعضوية مجلس الشعب المصري وفوزه بالفعل بأحد مقاعده حتى رحل عن عالمنا في منتصف السبعينيات. وأوصى صدقي أولاده بحرق كل الأفلام التي شارك في بطولتها ونفذوا الوصية فيما يتعلق بالأفلام التي أنتجها إلا أنهم لم يتمكنوا من تنفيذها فيما يتعلق بما أنتجه غيره.

هذا ما سعت له أيضاً شمس البارودي التي اعتزلت في مطلع ثمانينيات القرن الماضي وهي في قمة نج(كلمه ممنوعه)ا فأرادت حرق أصول كل الأفلام التي شاركت في بطولتها إلا أنها لم تتمكن من هذا لكون معظم هذه الأفلام تملكها شركات إنتاج أخرى حققت من خلفها أرباحاً كبيرة بعد بيعها أو تسويقها لمحطات وقنوات فضائية.

أعقب شمس البارودي في اتخاذ قرار الاعتزال العديد من الفنانين والفنانات مثل شادية وعزيزة جلال وكل أفراد عائلة العربي تباعا ابتداء بالأب الفنان الكبير عبد البديع العربي ومرورا بالأبناء وجدي ومحمد وزوجته هناء ثروت وكامليا العربي وتبعهم الفنان الشاب محسن محيي الدين وزوجته نسرين والراحلتان مديحة كامل وهالة فؤاد والراقصات الشهيرات سحر حمدي وهالة الصافي وعزة شريف وهندية وهكذا حتى ظهرت أحدث فنانة اتخذت قرار الاعتزال وارتداء الحجاب ثم النقاب حلا شيحة.

كل هؤلاء وغيرهم أعربوا عن ندمهم على أعمارهم التي ضاعت في الفن وتمنوا كما قالوا جميعا عقب اتخاذهم لقرار الاعتزال أن يعود الزمن بهم للخلف لاختيار مهن أخرى غيره، ولكن ان تعلن فنانة لم تتخذ قرار الاعتزال ومن ثم لم ترتد الحجاب أو النقاب عن ندمها على عمرها الذي ضاع في الفن بل وتتمنى أن يعود بها الزمن للخلف لتختار مهنة أخرى فهذا هو الجديد.

“إذا عاد الزمان بي للخلف لن اختار طريق الفن أو التمثيل، بينما من المؤكد أنني قد أختار مهنة أخرى مختلفة تماماً”، هذا هو التصريح القنبلة الذي أدلت به سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة في أحدث ظهور اعلامي لها والذي جاء بعد غياب سنوات طويلة وذلك في الحفل الذي أقامه مؤخراً مجلس رجال الأعمال المصريين بأبوظبي. وأدلت فاتن حمامة على هامش الحفل بتصريحات صحافية لتفجر هذه القنبلة التي وقعت كالصاعقة على رؤوس الكثيرين داخل الوسط الفني وخارجه من الملايين الذين يعشقونها. المدهش أن هذا التصريح جاء على لسان فنانة كبيرة لم تنجح أي فنانة أخرى في جيلها أو بعده في تحقيق نصف ما نجحت هي في تحقيقه، فاستحقت أن يظل لقب سيدة الشاشة العربية ملازما لها حتى اليوم على الرغم من غيابها عن الساحة تماما منذ قرابة العشرة أعوام تحديدا منذ قيامها ببطولة مسلسل “وجه القمر” عام 1999.

ويذكر تصريح فاتن حمامة بالتصريح المماثل الذي أدلى به الفنان أحمد مظهر قبل رحيله بشهور قليلة وقال فيه إنه يتمنى أن يعود به الزمن للخلف ليختار مهنة أخرى يستطيع أن يفيد الناس من خلال عمله فيها. وقامت الدنيا ولم تقعد وقتها لأن المعنى كان واضحا وهو أن المهنة التي عمل بها قرابة النصف قرن وتربع على عرشها لا تفيد الناس، ومن هنا لاقى اعتراضات كثيرة وقتها من نجوم ونجمات الفن بل ومن صحافيين ونقاد كبار. والغريب أنه كان من بين من اعترضوا على تصريحه فاتن حمامة التي شاركته بطولة العديد من الأفلام المهمة والناجحة تضم بعضها قائمة أفضل 100 فيلم أنتجتها السينما المصرية منذ انطلاقتها الفعلية في عشرينات القرن الماضي.

والسؤال الآن هو: هل فاتن حمامة هي الفنانة الوحيدة التي لم ترتد الحجاب ولم تعتزل، وشعرت بالندم على عمرها الذي ضاع في الفن أم أن هناك فنانات غيرها يتفقن معها فيما قالته.

الفنانة نادية الجندي الملقبة بنجمة الجماهير قالت: حينما أجلس مع نفسي هذه الأيام وأعيد شريط حياتي كاملاً أمام عيني وأفكر هل كنت على صواب حينما اخترت طريق الفن أم كان من الأفضل أن اختار طريقا آخر غيره، أجد صعوبة في الإجابة عن السؤال. وتضيف: أنا واثقة أن الفن مهنة مرهقة تؤثر بالسلب في صحة وأعصاب كل من يعملون بها خاصة من كبار النجوم، أضف إلى هذا أنها غير مضمونة العواقب فهي تصعد بمن يعملون فيها لعنان السماء فيلتف الملايين والمستفيدون من حولهم ثم تهبط بهم لأسفل سافلين فينفض المولد وينصرف كل أصحاب المصلحة.

ولهذا السبب، والكلام على لسان نادية الجندي، ولأسباب أخرى كثيرة، كثيرا ما أشعر بالندم على عمري الذي ضاع في الفن وفي أحيان أخرى لا ينتابني نفس الإحساس حينما أتذكر قائمة الأعمال الجميلة التي قدمتها على مدار تاريخي وتربعي على عرش السينما نحو ربع قرن.

وتقول الفنانة نبيلة عبيد الملقبة (بنجمة مصر الأولى): أنا واحدة من الفنانات اللاتي وهبن أعمارهن للفن، إذ أخذني من كل الأشياء الأخرى وفي مقدمتها الزواج والإنجاب فلم أشغل نفسي بهذا الموضوع منذ انتهاء تجربة زواجي الأولى والوحيدة من المخرج الكبير الراحل عاطف سالم، وكانت أمامي فرص كثيرة للزواج إلا أنني رفضتها جميعاً لإيماني المطلق وقتها بأن الفن لا يجب، كما كنت مقتنعة وقتها، أن يعوق مسيرتي فيه شيء، على الرغم من النصائح الكثيرة التي وجهت لي سواء من زميلات سبقنني في العمل أو زميلات معاصرات لي وفضلن الزواج والإنجاب إلى جانب عملهن بالفن. وتضيف: لم أستمع لهذه النصائح في حينها، ولا أخفي أنني أتذكرها كثيرا هذه الأيام ومن ثم كثيرا ما أشعر بالندم لكوني لم أستجب لها.

ومن زاوية مختلفة بعض الشيء تقول الفنانة إلهام شاهين: انتابني هذا الشعور بعد رحيل والدتي التي كانت أقرب إنسانة لي، وبعد رحيلها شعرت أن حياتي لم يعد لها أي معنى أو قيمة وكان التأثير الأكبر في حالتي النفسية لحظة نزولي معها للقبر حيث صممت على هذا يومها فأصبت بحالة انهيار كامل من روع المشهد.

وتضيف: ورغم أنني واصلت مسيرتي الفنية بعد هذا وحققت نجاحات، لم أعد أشعر أن هناك شيئا يسعدني كما كان يحدث وقت أن كانت أمي بجواري.

وعما إذا كانت تشعر بالندم على عدم خوضها لتجربة الزواج طيلة الأعوام الماضية تقول: كل ما يمكنني قوله إنني أحمد الله على ما أنا فيه فأعوض حرماني من نعمة الأمومة بأبناء شقيقتي خاصة إلهام الصغيرة التي تشبهني إلى حد كبير وأشعر أنها ابنتي وأقضي معها أجمل وأمتع أوقاتي.

وبصوت تغلب عليه نبرة الندم، تقول الفنانة عايدة رياض : كثيراً ما أشعر بالندم لكوني تركت العمر يمضي بي وأنا منشغلة بأعمالي الفنية ومن دون أن أفكر في الزواج وإنجاب الأطفال منذ انتهاء تجربتي مع الفنان الراحل محرم فؤاد، فبعد انفصالنا تلقيت عروضا كثيرة بالزواج سواء من داخل الوسط أو خارجه ومعظمهم كانوا رجالاً محترمين، إلا أنني لم أوافق على أي منهم حتى لا يكون الزواج بمثابة العثرة في طريق مستقبلي الفني، وتضيف: لدي الآن رغبة ملحة في الزواج والاستقرار أكثر من أي وقت مضى، فأتمنى أن يظهر أمامي رجل حقيقي يستطيع أن يعوضني عما مضى ويوفر لي كل عوامل الاستقرار حتى وان تطلب الأمر مني ترك الفن إذا كان فيه تعارض بينه وبين البيت السعيد الذي أنشده.

ومن نفس الزاوية، تقول الفنانة لبلبة: حينما أفكر في هذا الأمر أغضب من نفسي جداً خاصة أنني أغلقت باب الزواج والإنجاب منذ أعوام بعيدة، وبصدق شديد أتمنى أن يعود بي الزمن للخلف لكي أنجب طفلاً أو طفلة جميلة تملأ عليّ الدنيا وتكون بجواري حينما يتقدم بي العمر.

وتواصل لبلبة: أعتز بعملي جداً وأفتخر به وأعلم أنني أقدم أشياء مفيدة وذات قيمة ولكن في الوقت ذاته أدركت أنني كنت مخطئة حينما اعتقدت يوما أنني إذا تزوجت وأنجبت سيتأثر عطائي كفنانة فهي نظرية ثبت لي مع الأيام خطؤها، إذ كان في استطاعتي الاستمرار في العمل وفي الوقت ذاته الزواج والإنجاب بدليل تجارب الكثير من الزميلات.

“ما أعرفه جيدا هو أنني كلما وجدت أي فنانة شابة تتوجه لي طالبة النصيحة مني أنصحها بألا تجعل عمرها يضيع من بين يديها وهي منشغلة بأعمالها الفنية فقط”، هكذا فاجأتنا الفنانة الكبيرة نيللي الملقبة بنجمة الاستعراض الأولى في العالم العربي، وواصلت: أقول لمن تطلب النصيحة انها يجب أن تتزوج وتنجب أولاداً تجدهم بجوارها حينما يتقدم بها العمر، فمؤكد أن الأولاد أعظم شيء في هذه الدنيا، فهم الوحيدون الذين يقفون بجانب آبائهم في الكبر